"واشنطن بوست": قانون فيدرالي يُلزم ملايين المهاجرين بتقديم بياناتهم

"واشنطن بوست": قانون فيدرالي يُلزم ملايين المهاجرين بتقديم بياناتهم

وجّه بعض القضاة اتهامات جنائية إلى مهاجرين غير شرعيين لعدم تسجيلهم أنفسهم لدى الحكومة الفيدرالية، ضمن مبادرة جديدة أطلقتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، الأحد، اعتمدت وزارة العدل على قانون قديم ونادر الاستخدام، صدر في عام 1940، لتوجيه هذه الاتهامات، التي تتضمن عقوبات بالسجن تصل إلى ستة أشهر وغرامات مالية تصل إلى 5000 دولار.

وأعلنت وزارة العدل إعادة تفعيل شرط التسجيل الفيدرالي في 11 أبريل، الذي كان معمولًا به خلال الحرب العالمية الثانية، كجزء من تنفيذ أمر تنفيذي للرئيس ترامب.

 طلبت الوزارة من المهاجرين الذين تبلغ أعمارهم 14 عامًا أو أكثر تقديم بصمات أصابعهم وعناوين إقامتهم، بهدف تعزيز الأمن القومي ومتابعة أماكن وجود ملايين المهاجرين في الولايات المتحدة بشكل أدق.

لكنّ بعض القضاة الفيدراليين شككوا في صحة هذه الإجراءات وألغوا بعض القضايا المرفوعة ضد مهاجرين بتهمة عدم التسجيل، كما واجهت هذه المبادرة انتقادات حادة من منظمات الدفاع عن حقوق المهاجرين التي حذرت من أن التسجيل قد يعرض المهاجرين لخطر الترحيل.

قدّرت دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية أن ما بين 2.2 مليون و3.2 مليون مهاجر مطالبون بالتسجيل وفق القواعد الجديدة التي تتطلب ملء نموذج إلكتروني متاح باللغة الإنجليزية فقط، ومع ذلك، اعتمدت وزارة العدل على قانون يعود لأكثر من 80 عامًا، لم يُستخدم على نطاق واسع منذ الحرب العالمية الثانية.

رفض القاضي مايكل ب. نورث في لويزيانا، في حكم صدر في 19 مايو، تهم عدم التسجيل الموجهة إلى خمسة مهاجرين، مبررًا ذلك بعدم وجود دليل على علم المتهمين بوجوب التسجيل، أو على وجود آلية تمكنهم من ذلك حتى وقت قريب جدًا، وأشار إلى أن أحد المتهمين تم القبض عليه في اليوم نفسه الذي نُشر فيه نموذج التسجيل الجديد على الموقع الإلكتروني الرسمي.

الصدام القضائي مع إدارة ترامب

واجهت إدارة ترامب مقاومة من المحاكم الفيدرالية، التي منعت مؤقتًا استخدام قوانين نادرة لتوجيه اتهامات جنائية لترحيل مهاجرين، ورفضت استخدام قوانين للتعامل مع انتهاكات مزعومة في المناطق الحدودية.

وأشار القضاة إلى أن بعض المتهمين يعيشون في الولايات المتحدة منذ سنوات ولم يكن واضحًا لهم أن عليهم التسجيل.

ودافع ماثيو تراجيسر، المتحدث باسم دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية، عن المبادرة باعتبارها ناجحة، وأعلن تسجيل أكثر من 57 ألف مهاجر حتى الآن، دون الكشف عن هوياتهم، وأكد أن القانون يُطبق للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، وأن عدم الامتثال صار يُعد جريمة.

خلفية تاريخية

فرضت قوانين التسجيل الفيدرالية لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية لمراقبة وجود أجانب معادين محتملين في الولايات المتحدة، استُخدم القانون لاحقًا بشكل محدود، وأُعيد تفعيله لفترة وجيزة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 على الرجال من دول معينة، وفي عهد أوباما، تم إلغاء معظم إجراءات التسجيل تلك، مع ندرة القضايا الجنائية المرفوعة بسبب عدم التسجيل.

مع تولي ترامب الرئاسة، أعاد القانون إلى الواجهة، حيث وجهت المدعية العامة بام بوندي في فبراير الماضي المدعين العامين لاستخدام كافة القوانين المتاحة لفرض إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية، بما في ذلك توجيه اتهامات جنائية لعدم التسجيل.

ولم يتوفر عند إطلاق النظام الجديد أي آلية لتسجيل المهاجرين، ما اضطر وزارة الأمن الداخلي إلى طرح نموذج تسجيل إلكتروني جديد باللغة الإنجليزية فقط، ما أثار انتقادات من ناشطي حقوق المهاجرين الذين رأوا أن النظام يجبر المهاجرين على الاختيار بين التسجيل وخطر الترحيل أو عدم التسجيل ومواجهة اتهامات جنائية.

وأكدت أنجليكا سالاس، المديرة التنفيذية لتحالف حقوق المهاجرين الإنسانية في لوس أنجلوس، أن التسجيل يمثل خطرًا حقيقيًا على المهاجرين، داعية إلى عدم التسجيل دون استشارة قانونية، واصفة النظام بأنه "سجل ذو عواقب".

رفض اتهامات وجهت لمهاجرين

بدأت المحاكم في لويزيانا برفض اتهامات وجهت لمهاجرين احتجزوا إثر مخالفات مرورية، وألغت التهم لأسباب منها عدم وعي المتهمين بوجوب التسجيل، وواجهت قضايا مشابهة في ولايات أخرى مثل ألاباما ومونتانا وتكساس، حيث اعتقل معظم المتهمين أثناء عمليات تفتيش في سجون المقاطعات أو على الطرق السريعة.

واعترف 13 شخصًا على الأقل بالذنب في قضايا عدم التسجيل، وتم ترحيلهم أو يخضعون لإجراءات الترحيل، بينما رفضت محاكم الهجرة بعض المتهمين الذين برأهم القضاء الجنائي، لترحيلهم لاحقًا لأسباب قانونية تتعلق بوضعهم غير القانوني.

واعتبرت المديرة القانونية للمجلس الأمريكي للهجرة، ميشيل لابوينت، أن استخدام قانون عدم التسجيل لتوجيه اتهامات جنائية بسيطة ضد المهاجرين يشكل إهدارًا للموارد، خصوصًا مع محدودية عدد المدعين العامين.

وأشارت قاضية الصلح الأمريكية ديبورا فاين في فينيكس إلى ندرة هذه القضايا خلال مسيرتها القضائية، معربة عن شكوكها في وعي بعض المتهمين بوجود سجل للتسجيل أصلاً، ومشككة في أدلة الادعاء، ما أدى إلى سحب اتهام وجه إلى مهاجر مكسيكي اعتقل بتهمة أخرى.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية